مقالات

لعبة الدم .. والعاب الأمم!!

مازن صاحب

يعد كتاب ” لعبة الأمم” لمؤلفه مايلز كوبلاند في طبعته اللندنية عام 1969 احد ابرز الاستقصاءات البحثية عن سياسات ما بعد الاستعمار، وما بعد ظهر كتاب” حكام العالم الحقيقيون” وكتاب”حكومة العالم الخفي” ثم كتاب” الحكومة العالمية ” كلها كتب منشورة عن إدارة مصالح الشركات متعددة الجنسيات وعلاقاتها بأنظمة معروفة وسياسات إقليمية ودولية ومنظمات تبدا من مجلس الامن الدولي حتى منظمات البيئة والحفاظ على حياة الحيوان !! كل هذه الكتب تناولت بالبحث والتحليل والاستقصاء اليات وافعال ومناهج من يمتلكون المال في إدارة الانسان في شتى بقاع الأرض ليس بعقلية المؤامرة، بل بعقلية الوظيفة التي باستطاعته ان يكون مفيدا لعجلة دوران الأموال التي تعرف اختصارا بعجلة ” البترودولار”، هناك من فهم العاب الأمم وتحول من الاقاويل المتفاخرة بان السيادة على النفط يمكن ان تحرر فلسطين!! او كما فعل كاسترو عندما ظن ان قصب السكر يمكن ان يحرر كوبا من النفوذ الأمريكي بعقلية جيفارا وغيره من مناضلي الشيوعية في أمريكا اللاتينية !!في المقابل ، هناك أربعة كارتيلات كبرى تتنافس في السوق الدولية ولكنها تتفق على إدارة استراتيجية عليا لحكومة العالم ،تتمثل في (المال ، الطاقة ، السلاح ، الدواء) وعلى هامش هذه الكارتيلات هناك منظومات تدير الجريمة المنظمة بما فيها المخدرات والدعارة والاعلام بأنواعه المتعددة ربما تشمل حتى المهرجانات السياحية، كل ذلك انتج وينتج وسينتج ثقافة قائمة على سارية سفينة واحدة تمثلها تلك المشتركات بين الدول العظمى وان تنافست في العاب الأمم ومتغيرات الادوار ، لكن من دون حروب تسفك فيها الدماء الا بالوكالة ما بعد الاتفاق الشهير في يالطا ما بعد الحرب العالمية الثانية .وما زالت مقولة ” دعه يمر ..دعه يعمل ” التي نظر لها ادم سميث وجرى تطويرها من قبل عدد متتالي من العلماء، تطبق في منتدى دافوس الدولي .. وغيره من المنظمات ذات الصلة بالاقتصاد الدولي لاسيما البنك والصندوق الدوليين، فيما انهارت القيم الاشتراكية، وتحولت المنفعة الذاتية للدولة من النوع الواحد ولعل أبرز مثال على ذلك عراق اليوم وهو يعاني من شحة المياه بعد ان قطعت عنه منابع الأنهار من إيران وتركيا كذلك تفعل أثيوبيا في سد النهضة وقبلها ارتيريا وربما فعلت ذلك رواندا في تعاملات اقتصادية اخرى مع دول الجوار الامر الاخر، ان دولة مثل ماليزيا او سنغافورة تحولت من دول فقيرة الى دول متقدمة بالتحول من إدارة مصادر الفقر الى إدارة مصادر المعرفة والاستثمار في قدرات الانسان وليس في ريع الأرض، مما جعل شركات كبرى أوروبية وامريكية تنقل معامل انتاجها الى الدول الأسيوية لإنتاج بضائع بمواصفة جودة دولية تطابق المواصفة الامريكية او الاوربية وربما عربيا فقد مصر امتلكت تطبيقات بسيطة ناجحة في هذا الميدان، لكن اغلبية العرب ومنهم العراق ما زالوا يستثمرون ريع النفط لتوزيع الرواتب على” تنابلة السلطان”!!بعد هذه المقدمة الطويلة، يطرح السؤال اين نتجه اليوم ونحن امام مخاص انتخابات تأسيسية جديدة، نحو التحول الى إدارة اقتصاد المعرفة في ريع نفط ناضب ام سنبقى “تنابلة السلطان” ننتظر الوظائف الحكومية؟الإجابة الواقعية تتمثل في الاتي: أولا : تاريخيا هناك تلازم بين الجهل والفقر والمرض لإبقاء الناس” تنابلة ” بلا إرادة حقيقية ، على هذا الأساس تواصل هذا الجهد من اطراف متعددة محلية وإقليمية ودولية لإبقاء العراقي مجرد فم مفتوح ومفرخة عيال بلا ضوابط لتنشئة أجيال جديدة تغادر نموذج ” التنابلة” وتطالب بحقوقها في اداره المعرفة ، لان ذلك يتطلب تغيير الكثير من المفاهيم والتطبيقات المجتمعية والدينية، التي تتعارض مع مصالح الكثير والكثير جدا ممن يعتمدون على جهل الناس بحقوقهم في الكسب السريع لمرابح السلطان !!ثانيا : أي مسعى او محاولة للنهوض العراقي من سبات التخلف والجهل والمرض والفقر، يعني عودة ما يوصف بالتهديد العراقي لمصالح شركاء مهمين للكارتيلات الكبرى في المنطقة ، الذين لهم قواعد عسكرية تنتشر على طول الخليج العربي، ناهيك عن القاعدة الدائمة في إسرائيل فضلا عن قاعدة انجرليك التركية ، وهذا يتطلب انساقا من السياسات الخارجية التي تتكفل بطرح العراق كفعل ((موازن)) لكفة الاستقرار في المنقطة والعالم وليس العكس ومثل هكذا طرح يواجه بطروحات واجندات حزبية وطائفية وقومية عراقية تتعارض ميولها ومزاجها وارتباطاتها الإقليمية والدولية مع فكرة النهوض من “التنبالة ” أصلا كون هذا النهوض يمكن ان يؤثر على مكاسبها وارباحها !! ثالثا : الكثير من الداعلين للإصلاح وأفكار النهوض ومتطلباته ، ما زالوا غير قادرين على تطوير أدوات وانساق طروحاتهم حتى لا تظهر وكأنها تهديدا للأغيار ، فما زالت التنشئة السياسية المدنية لم تغادر عصبية القبلية والتابو الديني ، وكذا من الأسماء السياسية المقدسة او من تجيان الرؤوس ، او الخطوط الحمراء .الخ كل ذلك يظهر دوريا في كل انتخابات برلمانية لإنتاج ” لعبة الدم” العراقي المهدور ،مقابل العاب الأمم على هذه الأرض المقدسة ، هل انتهى الدرس ام مطلوب التكرار ؟؟ ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى