مقالات

الإعلام.. خطابه وأهدافه

ماجدعبدالحميد الحمداني

بعد عام 2003 هجم البث التلفزيوني الفضائي مرة واحدة على مجتمعنا العراقي، وأصابنا الذهول جميعاً بالفارق بين البث التلفزيوني الارضي سابقا وبين البث التلفزيوني الذي يسمى الفضائي، ولم يعد بالامكان الانتباه حتى من قبل المتخصصين على التأثيرات السلبية لبعض البرامج، والمقصود هنا برامج بعض الفضائيات العراقية المحلية وكل ذلك كان تحت عنوان أن العالم صار قرية صغيرة، بل شاشة صغيرة في هذا المجال إلى حين وجدنا ان العديد من الفضائيات بدأت تنتج برامج لا تتوافق مطلقًا وطبيعية القيم السائدة. وبالطبع نؤكد أن المقصود بعض من البرامج في بعض الفضائيات، فمثلًا نشاهد مقدماً لبرنامج صغير في السن يحاور شخصيات مهمة في قضايا سياسية مهمة ومعقدة، أو أن تجد برامج تحت عناوين الإثارة تطرح موضوعات بشكل علني هي خادشة للحياء، بحجة إيصال الحقيقة وبذريعة حرية الرأي والتعبير – وأصبحت البرامج الرصينة عملة نادرة.وهنا ليس المقصود الميل الى التقييد وعدم الانفتاح مطلقًا، بل هي مكاشفة لترصين المضمون للرسالة الاعلامية شكلا ومضموناً واسلوباً وتفعيل جانب الإشراف المهني على تلك البرامج، بما يراعي حرية التعبير من جانب واحترام الذوق العام للمجتمع من جانب آخر. ورب قائل يقول اذاً ماذا نفعل تجاه ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، مقارنة بما تعرضه تلك البرامج؟ نقول له أن بدأنا بترصين برامجنا في الفضائيات بنسبة جيدة نوعيًا، مؤكدا سينحسب هذا الجانب إلى وسائل التواصل، لأن ما ينشر في وسائل التواصل أغلبه ليس محلياً، بل أجنبي ولكل بلد خصوصية وتقاليد معينة، أما كيفية العمل بهذا الاتجاه فيكون من خلال تبني هيئة الاعلام والاتصال لتقييم مضامين البرامج في كل فضائية موسميًا من قبل كبار الإعلاميين الرواد والأكاديميين التربويين والنفسيين، وتؤشر الملاحظات من دون استخدام أساليب تعسفية، ابتداءً على أن تكون بخطوات مدروسة وتدريجية و لها أن تصدر التوصيات المناسبة في هذا الشأن حول تلك البرامج، وفق المعايير الاعلامية المعتمدة في مضامين المناهج الدراسية والأكاديمية في البلد، وهذا الكلام لا يشمل بالطبع المسلسلات والافلام وحتى البرامج الترفيهية المعتدلة في الطرح، فالغاية من كل ذلك هو إبعاد المضامين التافهة والتي توصل رسائل سلبية والاقتراب أكثر من الاعلام الهادف وكلنا يسمع بعدم رضا شرائح واسعة من الجمهور بالعديد من البرامج وان سألنا بشكل عام تلك الشرائح لتيقنا أكثر بالتأثير السلبي والصورة الذهنية السلبية، من قبل الجمهور تجاه العديد من البرامج في مختلف الفضائيات بسبب عدم التركيز على تلك القضايا المهمة من قبل المتخصصين في المؤسسات التعليمية الاعلامية وكذلك من قبل أهل الرأي والمعرفة.أحد الأهداف المهمة لترصين الرسائل الاعلامية بمختلف أنواعها هو خلق بيئة نقية فكريا، ما تتصف بالحد الأدنى في احترام القيم لأن تلك البيئة الايجابية ستؤثر بشكل فاعل في عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية للأفراد، لا سيما الأجيال الجديدة، فقديماً ما يعرض من أفلام في التلفزيون (بالسبعينيات و الثمانينيات وما قبلها) يختلف حتماً عما يعرض في السينما والعكس صحيح، أما اليوم ومع اختفاء دور العرض السينمائية بحجةالحفاظ على (المجتمع المحافظ) نجد غلواً كبيراً في الاثارة في ما يعرض بالأفلام من خلال التلفزيون، وحتى في بعض البرامج وبالتالي ضاعت خصوصية الوسائل الإعلامية.وهنا أكرر ما يشاع حالياً في مجتمعاتنا المحافظة مقولة شائعة (أمــس خير من اليوم واليوم خيرٌ من أمــس وهكذا ) فلا بد من إعادة لتقييم المضامين والاشكال، وكذلك الاساليب في الرسائل الاعلامية بمختلف انواعها، اذا أردنا أن نرتقي بمجتمعاتنا فكريًا وثقافيًا ونفسيا، لان بناء الانسان هو الاساس في تطور البلد على المدى المتوسط والبعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى