مقالات

السكن في العراء

د.فاتح عبدالسلام

بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الاستمارات‭ ‬المستوفية‭ ‬للشروط‭ ‬عبر‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لمشروع‭ ‬داري‭ ‬السكني‭ ‬الموزعة‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ (‬3‭ ‬ملايين‭ ‬و463‭ ‬ألفاً‭ ‬و921‭) ‬استمارة‭. ‬ونفترض‭ ‬انه‭ ‬سيجري‭ ‬توزيع‭ ‬قطع‭ ‬أراض‭ ‬مطابق‭ ‬لهذا‭ ‬العدد‭ ‬المهول‭ ‬الذي‭ ‬يوحي‭ ‬باستحداث‭ ‬مدن‭ ‬وضواحٍ‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬او‭ ‬المحافظات‭ ‬لاستيعاب‭ ‬هذا‭ ‬التوزيع‭. ‬سأفترض‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬توزيعا‭ ‬انتخابيا‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬انّ‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬غير‭ ‬مرشح‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬لكنه‭ ‬عمل‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬الانتخابات‭ ‬والسلطة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬آخر‭. ‬من‭ ‬حق‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬بيت‭ ‬للسكن‭ ‬في‭ ‬بلاده،‭ ‬وسبق‭ ‬ان‭ ‬جاهرت‭ ‬بالقول‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عدة‭ ‬ولا‭ ‬اتردد‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العراقي‭ ‬ان‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬وطن‭ ‬بديل‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ان‭ ‬يمتلك‭ ‬قطعة‭ ‬ارض‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬المترامية‭. ‬فالبيت‭ ‬حق‭ ‬اولي‭ ‬لتثبيت‭ ‬صفة‭ ‬المواطنة،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬ان‭ ‬تطالب‭ ‬مواطنا‭ ‬بحب‭ ‬وطنه‭ ‬والتضحية‭ ‬بدمه‭ ‬في‭ ‬سبيله‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬شبرا‭ ‬فيه‭. ‬‭ ‬لكن‭ ‬الامر‭ ‬هنا،‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬وقفة‭ ‬تدقيق‭ . ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬قطعة‭ ‬ارض‭ ‬والدولة‭ ‬مفلسة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬والكهرباء‭ ‬والمدارس‭ ‬والمستوصفات‭ ‬الجديدة‭ ‬والشوارع‭ ‬المبلطة‭ ‬التي‭ ‬تواكب‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬القطع‭ ‬السكنية،‭ ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نوغل‭ ‬في‭ ‬إبقاء‭ ‬الناس‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬لها‭ ‬الخدمات‭ ‬الضرورية‭. ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مشاريع‭ ‬بناء‭ ‬عمودي‭ ‬اجبارية‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مستثمر‭ ‬اجنبي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لاستطعنا‭ ‬ان‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬مئات‭ ‬العمارات‭ ‬السكنية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬توزيعها‭ ‬وهي‭ ‬تتوافر‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬صحية‭ ‬مناسبة‭ ‬وربما‭ ‬تحتاج‭ ‬الخدمات‭ ‬التكميلية‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬الإدارات‭ ‬المحلية‭ ‬توفيرها‭ ‬بشكل‭ ‬او‭ ‬بآخر‭ . ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬توزيع‭ ‬الأراضي‭ ‬السكنية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تخطيط‭ ‬حضري‭ ‬ومدني‭ ‬وخدمي‭ ‬متكامل‭ ‬إلا‭ ‬بوصفه‭ ‬سكناً‭ ‬في‭ ‬العراء‭. ‬قضية‭ ‬إسكان‭ ‬المواطنين‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬كفروا‭ ‬بحب‭ ‬الوطن‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬سقفاً‭ ‬يأويهم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تجاوز‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬أو‭ ‬تهديد‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬العقار‭ ‬أو‭ ‬سوى‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬انّما‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالبناء‭ ‬الأساس‭ ‬للبلد،‭ ‬وليست‭ ‬عرضا‭ ‬سياسيا‭ ‬او‭ ‬إنجازا‭ ‬يتم‭ ‬بليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬،‭ ‬والحكومة‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬المغادرة‭ ‬والله‭ ‬وحده‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭ ‬ومتى‭ ‬ستشكل‭ ‬حكومة‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬،‭ ‬وهل‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬أولوياتها‭ ‬بناء‭ ‬المساكن‭ ‬وتوزيع‭ ‬الأراضي‭ ‬ام‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المغانم‭ ‬على‭ ‬الأحزاب‭ ‬وواجهاتها‭ ‬المنمقة‭ ‬المستترة؟‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى