مقالات

الكذّابون والخطة الخمسية

د. فاتح عبدالسلام

سمعنا في السنوات الاخيرة الماضية أكاذيب كبيرة عن مشاريع عقارية تنتشل الناس من ازمة السكن وبأسعار مدعومة من الدولة. ومضت الايام، والكذّابون لايزالون بيننا، يبحثون عن أثواب وجلود جديدة من دون جدوى، و تلك المشاريع كانت فقاعات كلامية ساذجة وموهومة انها تنفع في امتصاص نقمة العراقيين. اليوم لم يبق للبلد متسع من الصبر على احتمال أكاذيب جديدة ، ولكي يتم قطع الطريق على اصحاب الوعود الكاذبة، وحتى لا تتكرر الاساليب نفسها في الخداع السياسي، ولكي يستعيد المواطن بعضاً من ثقته بمؤسسات الدولة وبعض شخوصها، حان الوقت لإعلان خطة خمسية تنموية في أقل تقدير أو يمكن أن تكون عشرية، ذات منهاج واضح ، خال من العبارات الانشائية المضحكة التي تطفو كالزبد على المناهج الوزارية السابقة، والتي لايدري من كتبها ما المقصود منها وكيف يمكن تطبيقها في زمن اللفلفة والتناغم مع مسارات الصمت المريب على الفجائع والكوارث.الخطة الخمسية، تصدر بتشريع قانوني ملزم، لها محاورها التنفيذية والزمنية التي لا تحتمل اللف والدوران والمخاتلة والتسويف، وتكون ذات ابعاد خدمية واستثمارية وانتاجية متوازنة ترافقها عملية تشديد حقيقي في ملاحقة الفساد وتجفيف منابعه ومصبّاته، مع محاكمات علنية للفاسدين يشاهدها ويشارك فيها بالدعم والتوثيق والادلة العراقيون من دون استثناء.لابدّ من وقفة مصارحة مع الذات، في انّ مسار عمل الوزارات يخضع لاجتهادات غالبا تكون غير ناضجة من الوزير أو الجهة السياسية الداعمة له أو خاضعة للمناخ السياسي المحتقن بالتبعية والفساد والعجز المحيط به. هذا لايبشر بخير ، ولا يمكن أن تتجاوز أية حكومة هذه العقبات من دون أن يتحول العمل الحكومي الى مؤسساتية قانونية ذات ثبات والزام ووضوح في التشريع والتنفيذ، بعيداً عن تصريف الاعمال اليومية الروتينية التي يبدو انها اقصى منجزات معظم الوزراء .انّ الخطة الخمسية، سوف تحتاج دعماً دولياً من الممكن ان نحصل عليه خطوة خطوة من دون اثقال كاهل البلد بديون واعباء وقيود، لكن الاساس في الخطة انها وطنية مبنية على برنامج انقاذ ذاتي، حتى لو لم يكن هناك اي دعم دولي . والمفروض الافادة من تطور علاقات العراق عربياً لدعم هذا المسار.ينبغي أن تولد مؤسسات بناء مستدامة في البلد لا يؤثر فيها تغيير الحكومات والمواسم الانتخابية الفجة.ليس أمامنا سبيل إلا أن نضع نقطة ونتوقف عندها لاستدراك البلد المنحدر يوما بعد آخر نحو مسارات سياسية مبنية على منافع لا تمت للوطن بصلة وقائمة على معادلة ماذا اعطيتنا وماذا نعطيك.ثمة أمل في آخر هذا النفق، أعرف انه موجود، بالرغم من انني لا أراه اللحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى