مقالات

الوضع تحت المس

د. فاتح عبدالسلام

تقول الشرطة في بغداد أنه تمَّ في مطلع العام التعامل مع سبعة آلاف حريق من جراء المس الكهربائي في صورة توحي بتهالك التأسيسات الكهربائية في الاحياء السكنية والمصانع والدوائر ، بعد تلك الفوضى من الاسلاك والربط العشوائي والتجاوزات في سحب التيار الكهربائي منذ فترات متراكمة ترجع الى ايام الحصار الدولي على العراق ومن ثم السنوات التي تلت الاحتلال الامريكي وقيام الحكومات المتعاقبة المنخورة بالفساد.ذلك الواقع المزري والمضطرب كان يتطلب قوانين وتشريعات تلزم باعادة تجديد وفحص اسلاك تعمل منذ عشرين او ثلاثين سنة تحت ظروف الاهمال وغياب الصيانة الاهلية او الرسمية .غير انّ كل وزارة ترى انّ الامر لا يتعلق بها مادامت الكهرباء قضية وطنية ضائعة ومعلقة على شماعات كثيرة في هذا الزمن الاسود المتقيح فساداً ودجلاً سياسياً . لكن هذا موضوع آخر يتصل وينفصل عن الفاجعة الكبرى في حريق انفجاري في مستشفى ابن الخطيب في بغداد . لم تظهر نتائج التحقيق في الكارثة التي أصابت العراق بصدمة جديدة عنوانها الأكبر هذا الاهمال في عمل المؤسسات الخدمية وتفاصيلها في حريق ضحيته تسعون من الابرياء الذين التجأوا الى المستشفى معتقدين انه مكان آمن لتلقي العلاج . ولا يفيد في شيئ ظهور نتائج التحقيق ذلك ان عوامل تكرار هذه الفاجعة مبثوثة في جميع مؤسسات الدولة التي يقودها وزراء خرجوا من صُلب الاحزاب والمليشيات والتداعيات السياسية الفجة .أيّ اجراء قوى يتخذه رئيس الحكومة سيقف العراقيون معه ، وأي وساطة او ضغوط او مراعاة لتوافقات، يعني ذلك أن الكوارث ستستمر في الانهمار على الشعب من حيث يدري ولا يدري . عندما نقول انّ نظام العملية السياسية كان بيئة فساد ، فإن التفاصيل في هذه النتائج الكارثية التي تصدمنا بين فترة وجيزة وأخرى .كم مرة زار الوزير هذا المستشفى أو سواه من المشافي التي تقع تحت ادارته، وكم مرّة دقّق وزير غيره في وضع وسلامة مخازن الكتب المدرسية القابلة للاحتراق السهل، ومتى كانت آخر مرة لزيارة وزير ثالث الى مصانع مستهلكة لا تخضع لشروط السلامة والامان إلا على الورق.الوضع كله يقترب من مس شرارة أكبر من المس الكهربائي بملايين المرات، ظهرت علاماتها الأولى مع ثوار تشرين في بغداد المنكوبة والجنوب الصابر، وإنّ هناك سباقاً بين تلك الشرارة والقرارات الوطنية التي وحدها تستطيع التغلب عليها وانهاء خطرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى