مقالات

بينَ ثقافة الأميّة و أميّة الثقافة!

رائد عمر

< قبلَ البدءِ > : لا شكّ أنّ المفهوم التقليدي السابق للأميّة ” بعدم إجادة الكتابة والقراءة ” قد تغيّر منذ اكثر من ثلاثين عاماً الى عدم اجادة استخدام الكومبيوتر وثمّ تطواراته وتقنياته عبر الشبكة العنكبوتية والإنتقال الى السوشيال ميديا , ومن المفارقات أنّ هنالك الكثير من البشر من ذوي التعليم الأوّلي البسيط ” او دونه ” هم اكثر مهارة في استخدامات الحاسوب وتفرعاته , ممّن بلغوا مرحلةً متقدمةً ما في التعليم , ومن الملاحظ أنّ نسبةً عالية من الأطفال وصغار السّن يمتلكون القدرات الذاتية ” وبتفوّق ” في الدخول حتى الى دهاليز الأنترنيت الفنية , ممن اكبر منهم سنّاً وبكثير , وهذه ظاهرة غدت محسوسة وملموسة .< في البدءِ > بالرغمِ ممّا كتبوه كبار العلماء والمفكرين في تعريفات الثقافة , بدءً من ” كلايد كلوهون ” ومروراً بِ ” سابير و مالينوفسكي ” وليس انتهاءً بِ ” ليزلي هوايت ” , ومعه النَّص المدوّن لمنظمة اليونسكو في تعريف ” الثقافة ” , إلاّ أنّ كلّ ذلك او معظمه كان بنظرةٍ أحاديّة الجانب , وترتبط بمرحلة زمنية – مكانية ذات العلاقة بدولة او أمّة واخرى , ودونما اخذٍ بنظر الإعتبار للمتغيرات العالمية اللائي تلقي بظلالها الكثيفة على الشعوب , وهي متغيرات متحرّكة بين حقبةٍ زمنيةٍ واخرى مهما كانت بشكلٍ نسبي . وبالخلاصة المستخلصة , فإنّ العرب ينظرون الى مفهوم الثقافة بغير ما ينظرون لها الألمان او الهنود او الأيطاليون وسواهم ” كنماذجٍ عشوائية ” تشتمل على الكثير من الدول .وبقدر تعلّق الأمر بالعراق ” على الأقل ! ” وحيث حاز العراق ” في سبعينيات القرن الماضي ” على المرتبة الأولى في الشرق الأوسط في مجال مكافحة الأمية ونالَ جائزة اليونسكو في هذا الشأن , ومع الإقرار بأنّ الحصار الأقتصادي العالمي الذي دامَ 13 عاماً كانَ له تأثيراته على المسيرة التعليمية والتربوية , لكنّه وبجانب أّنّ اعداداً كبيرةً تتخرّج من حَمَلة شهادة الدكتوراه في مختلف التخصصات الجامعية , لكن تبقى الأمية تحتلّ مكاناً متميزاً في هذا المستوى التعليمي العالي ” ودونما تعميم ” .!افتقاد الوعي السياسي والوطني < لدى البعض > وبنسبٍ غير واطئة بينَ الجهَلة والمتعلمين وخرّيجي الدراسات العليا ” وخصوصاً في اقسام الدراسات الإنسانية ” , فهو ما يُشكّل القاسم المشترك الأعظم والقاسي بينَ : < ثقافة الأمُيّة و أمّية الثقافة > , وهذا ما اوصلنا الى هذه الدرجة من الإنحدار , وحتى على مستوى اقطار اخرى من الوطن العربي .مراجعة الذّات امست واضحت مطلباً ستراتيجياً , والوصول الى نتائجٍ لهذه المراجعة ربما قد يحصل بعدَ جيلٍ او جيلين , والخشية كلّ الخشية أن يمتد لما هو اكثر .!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى