مقالات

ثقافة الادخار وأزمة الدينار!

د.محمد فلحي

مصرف الرافدين دعا المواطنين إلى الادخار، وأعلن قبل بضعة أيام، عن فوائد مالية تبلغ(4 %) للمواطنين الذين يقومون بإيداع أموالهم لدى المصرف، وهذه الفوائد السنوية المعلنة ليست جديدة، لكن الجديد، حسب المصرف، أنها سوف تحسب نهاية كل شهر، وهو ما يحتاج إلى توضيح أكثر!المال هو عصب الحياة المعاصرة، والدورة الاقتصادية في المجتمع مثل الدورة الدموية في الجسم الحي، ينبغي أن تكون انسيابية ومنتظمة، ولا شك أن عزوف اغلب المواطنين عن التعامل مع المصارف العراقية، وغياب ثقافة الادخار، يعدان من اهم جوانب الازمة المالية، فهناك كتلة مالية ورقية هائلة يتم تداولها بايدي الناس في الشارع، ولا تدخل في حسابات المصارف وخزائنها، ومن بينها واهمها مصرف الرافدين، وتلك مشكلة اقتصادية واجتماعية واعلامية في الوقت نفسه! المصرف العتيد يدعو المواطنين الى الادخار في خبر مقتضب من سطور قليلة، وهو قد يتوقع بعد ذلك، ان المواطنين سوف يحملون الأكياس المعبأة بالدنانير ويهرعون الى المصارف، لوضع نقودهم في الخزائن الآمنة، ويعودون الى بيوتهم فرحين حالمين بالارباح الموعودة، رغم ضآلتها مقارنة بمصارف العالم التي تعمل على زيادة الفوائد باستمرار، وخاصة في ظروف الازمات، من اجل تدوير الاموال وادّخارها مصرفياً، وليس بيتياً كما يفعل العراقيون! الادخار في المصارف يتطلب ثقافة اقتصادية جديدة وتغيير عادات اجتماعية وتفعيل عملية اقناع عبر وسائل الاعلام، لكي يتغير السلوك المالي، ويجري التحول في المجتمع من التعامل النقدي الورقي الى الالكتروني، وأن يصبح لكل مواطن حساب مصرفي الكتروني.الاقناع في عملية الادخار يتطلب خطة اعلامية وٕاعلانية تهدف الى توفير الاخبار والمعلومات والحقائق والفوائد التي يجنيها المواطن عندما يودع أمواله في المصرف، وهنا تبرز أهمية بناء السمعة الجيدة للمؤسسة المصرفية من خلال دعم قسم العلاقات العامة والاعلام من أجل العمل على بث الشعور بالثقة والاطمئنان والأمان والاستفادة فضلاً عن حسن التعامل والتفاعل الاداري، وتقليص الاجراءات الروتينية الورقية الى أقل ما يمكن في عمليات فتح الحساب والايداع والسحب ومتابعة الرصيد. هناك ثقة مفقودة بين المواطن والمصارف، بصورة عامة، وثمة جسور مقطوعة بين الطرفين، منذ زمن طويل، ينبغي ترميمها وزيادتها،عبر ابتكار نوافذ تفاعلية للتواصل الاعلامي لكسب رضا الجمهور، قبل أن يبادر المواطن الى وضع مدخراته في خزائن المصرف، ولو اطلعت على المواقع الالكترونية لأغلب المصارف العراقية لوجدتها مهملة تعكس صورة قاتمة عن المصرف وادارته واجراءاته وتعاملاته البطيئة المعقدة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى