ملفات خاصة

سلوك وحشي ومعارك ضارية.. مسؤولون يتحدثون عن نزاعات عشائر البصرة ويوجهون دعوة لحلها

باتت النزاعات العشائرية التي تندلع في محافظة البصرة وبعض المحافظات الأخرى، ظاهرة شبه شائعة ومألوفة لسكان هذه المدن، وأحدى أبرز المظاهر التي تؤثر على هيّبة الدولة وسلطتها وأجهزتها الأمنية، وكذلك على السلم الأهلي، بسبب الأسلحة المستخدمة في المعارك بين أطراف النزاع، التي تتنوع بين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

“نزاعات تستمر لأكثر من سنة”

ويكون السلوك المستخدم في عمليات الثأر بين المتخاصمين “وحشياً”، لأنها تؤدي في أغلب الأحيان إلى معارك ضارية، تتسبب بسقوط الكثير من الأبرياء، ومن بين المظاهر العجيبة التي تفرزها النزاعات العشائرية، عدم تدخل بعض القوات الأمنية في النزاعات، مما يجعلها على حياد خوفاً من الانتقام، إلا أن الحقوقي معين الحسن، الناطق الرسمي لمحافظ البصرة، يقول إن “أكثر من 82 نزاعاً عشائرياً تم حلها قبل عام، من قبل قائد عمليات المحافظة”.

ويضيف الحسن خلال حديثه لـ (بغداد اليوم)، أن “موضوع النزاع العشائري ليس جديداً على البصرة، ويمتد إلى عهود طويلة، وأحداثه ترجع إلى العرف العشائري، وبعض التصرفات الخاطئة من المندفعين من قبل بعض العشائر”، مشيراً إلى أن “قائد عمليات البصرة، بحكم القانون وإضافة إلى منصبه كرئيس للجنة حل النزاعات العشائرية في البصرة، حل أكثر من 82 نزاعاً عشائرياً قبل عام واحد”.

ويكمل قائلاً: “لا يخفى على الجميع أن هناك نزاعات عشائرية، حصل فيها اقتتال وعنف، ولكنها ليست كبيرة، والأجهزة الأمنية تسيطر على مجرياتها، وهناك كثير من العشائر تتدخل لحل الموضوع كما هو معروف عشائريا، إضافة إلى أن بعض العشائر تمادت بخلافاتها، واستمرت نزاعاتها إلى أكثر من سنة، وكان لقيادة العمليات وبقية الأجهزة الأمنية المكلفة بحفظ الامن دوراً فعالاً للتصدي لهذا الصراع”.

وبيّن، أن “النزاعات العشائرية كانت سابقا تتسبب بقطع الطرقات لمدة يوم أو يومين، وحالياً عند نشوبها لا تستغرق سوى وقت قليل”، لافتاً إلى أن “أسباب النزاع بين العشائر يرجع إما على موضوع قطع الأراضي والامتيازات، أو بسبب التعويض الرضائي للأراضي التي استكشف فيها النفط”.

“غياب القانون والوعي يؤزم الموقف”

وفي هذا الصدد، يقول مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الانسان في البصرة، مهدي التميمي لـ (بغداد اليوم)، إن “مكتب المفوضية قام بعدة خطوات بمجال السلم المجتمعي حول موضوعة النزاعات العشائرية، وما يسفر عنه من نزاع مسلح ناتج بفعل هذه النزاعات، وآثارها ونتاج هذه الصراعات من تزايد أعداد القتلى والجرحى والمهجرين”.

وأشار إلى أن “أعداد الضحايا بسبب هذه الصراعات التي تحصل بين فترة وأخرى وصلت إلى أرقام مقلقة مخلفة عشرات القتلى والجرحى والمهجرين من العوائل، إضافة إلى ما تسببه هذه الأحداث من رعب والخوف الشديد والقلق لدى العوائل المسالمة، وكذلك لدى شرائح المجتمع المؤمنة والداعمة للقانون”.

ويكمل  التميمي حديثه قائلاً إن “هذه الظواهر في النزاعات هي نتاج، منطقة رخوة في عملية تنفيذ القانون، وبلا تنفيذ وتطبيق لسلطة القانون لا يمكن العيش في حكم رشيد وبناء دولة مستقرة، ما لم يحصل الاستقرار القانوني والأمني والمجتمعي”.
وأوضح، أن “أسباب النزاعات متعددة، منها العرف غير الصحيح، والتقاليد غير الصحيحة، وغياب سلطة القانون، وهي تعتبر الدرجة الاولى، إضافة إلى قلة الوعي، وبالتالي تبقى الكرة بملعب تنفيذ القانون، وبحال تطبيق القانون القوي بحذافيره، لن تحصل أي من هذه النزاعات”.
ولفت إلى أن “مجلس القضاء الأعلى عندما أعلن جعل ما يسمى بـ الدكة العشائرية ضمن المادة (2) من مكافحة الارهاب، رأينا كيف تراجعت بنسبة كبيرة من حدة هذه الظاهرة غير الحضارية”.

وشدد مدير مكتب حقوق الإنسان في البصرة على “أهمية توزيع القطعات العسكرية، وتنفيذ عملياتها الأمنية بشكل مشترك من قبل قيادات قوات الجيش والشرطة والبحرية والحدودية على عدة مناطق، ويكون تدخل سريع مع إنفاذ القانون ومراعاة مبادئ حقوق الانسان، ومعاقبة المسيء وفق القانون”.

“تحول المحافظة النفطية إلى عشائرية”

ويرى محمد الزيداوي، مستشار محافظ البصرة لشؤون العشائر ورئيس لجنة حل النزاعات، أن محافظة البصرة أضحت من المحافظات العشائرية، بعد نزوح الكثير من القبائل العربية إلى المحافظة طلباً للعيش.

الزيداوي وخلال حديثه تابعته (الاولى نيوز)،قال إن “البصرة أضحت حالياً من المدن العشائرية، بعد نزوح الكثير من القبائل العربية الى المحافظة طلبا للعيش فتحولت هذه المدينة التجارية والاقتصادية والمطلة على البحر، وصاحبة المنفذ النفطي والشريان المغذي للعراق الى مناطق عشائرية”.

وأشار إلى أن “المجتمع تحوّل تدريجياً وبفعل هذا النزوح الذي أعطى وأشاع نتائج وثقافة سلبية في أكثر الأوقات تمثلت بالنزاعات العشائرية التي تحصل في أحيان كثيرة، وبالخصوص في مناطق شمال البصرة التي تحدث، وكانت وما زالت تحصل بدون رادع، رغم تقديم الحكومات المحلية في البصرة الكثير من الجهود والوساطات لإيقاف استنزاف الدماء”.

وتابع قائلاً: “بينما نرى لحد هذه اللحظة لم تجدِ نفعاً، وقد طالبنا رئيس الوزراء في اكثر من لقاء واكثر من فرصة، ولكن لم نرَ حصول قرار صائب يصب بالمصلحة العامة، إضافة إلى مطالبتنا لمجلس النواب بتشريع قانون تجريمي أقوى وقعاً على متسببي النزاعات، وضرورة تشريع قانون يتضمن ترحيل الخارجين عن القانون الى مناطق تختلف بيئتها عن بيئة البصرة وليس البقاء على قانون (4) إرهاب”.

وأكد، أن “البصرة هي سلة العراق الاقتصادية، وتوجد فيها الكثير من الشركات الأجنبية النفطية والاستثمارية العاملة، وعلى الوضع الإعماري والخدمي في المحافظة، وحال نشوب نزاع نرى كيف يتعطل عمل هذه الشركات، وفي بعض الاحيان تُقطع الطرق، وتتعطل المصالح العامة بسبب الاسلحة المنفلتة بهذه المناطق”.

وأشار مستشار محافظ البصرة إلى “وجود طبقة تتمثل ببعض المسؤولين أو بعض رؤساء الكتل السياسية أو بعض رؤساء مكاتب مجلس النواب أو بعض الشخصيات البرلمانية، تستغل الوضع الوظيفي، لتحقيق مآرب أخرى، حيث ظهرت طبقة من الفتونة تريد استغلال واستنزاف الغالي والنفيس في سبيل الوصول الى مآربها السياسية والشخصية والاستحواذ على الأموال من خلال ابتزاز الكثير من الشركات والشخصيات في البصرة”.

ودعا الزيداوي إلى “توفير إسناد حكومي للموظف ورجل الامن، بقوانين تحميهم مما يسمى بـ (الكوامة، أو الدكة العشائرية، وهو الوضع الذي جعل البصرة تفتقر إلى الوضع الأمني الآمن”، مؤكداً “وجود أجندات من بغداد تقوم بتوفير الحماية والسلاح في بعض الأحيان تطبل في أوقات وأخرى لإعطاء صورة سوداوية عن مدينة البصرة بأنه لا يوجد فيها الأمان”.

ورأى، أن “الأجندات لديها مخطط ومؤامرة كبيرة للإخراج الشركات العاملة من البصرة، لإعطاء صورة خاطئة بأن البصرة تعاني من فقدان الامن والاستقرار، وكذلك مآرب اخرى انتخابية لافتعال الازمات والنزاعات، ومن ثم يقومون بحلحلتها لاستقطاب الناخبين”.

وتابع قائلاً: “عند مطالبة وزير الداخلية بعدم إعطاء تراخيص للسلاح، وكذلك عدم بيع السلاح التجاري، وجعل البصرة مدينة آمنة ومنزوعة السلاح، لم يرَ أي استجابة لتلك المطالب، كما انه لم يرَ أي استجابة لها من قبل رئيس الحكومة”.
وأكد، أن “نسبة عدد النزاعات العشائرية فاقت (280) حالة حدثت في البصرة عام 2020، ومعظمها أعمال قتل وسقوط جرحى، ووصلت نسبة القتلى طيلة السنتين الماضيتين (2019 – 2020) إلى أكثر من (30) قتيلاً، وأكثر من (74) جريحاً، فيما وصل عدد القتلى والجرحى عام 2021 إلى أكثر من (9) أشخاص بسبب الصراع العشائري، ومعظم هؤلاء القتلى أبرياء بسبب إطلاق النار العشوائي الكثيف ، إضافة إلى استخدام أسلحة متطورة”. اي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى