مقالات

صحفيو العراق في قبضة المليشيات!

افراح شوقي

اذا اردت ان تصبح صحفيا حرا ومهنيا في العراق فعليك ان تتخذ ثلاثة مواقف مهمة وهي ان توفر لنفسك مأوى بديل وجواز سفر نافد وان لاتتزوج و تعيش بعيدا عن اهلك كي لايطالهم الاذى في حال تعرضك للهجوم المباغت من قبل الجماعات المسلحة والعقائدية، وعليك ان لاتضع في بالك ان الاستعانة بالشرطة او احدى اجهزة الامن سيوفر لك الحماية التي ترجوها,,,كثيرة هي طرق القتل والترهيب اليوم في ظل تنامي سطوة السلاح المنفلت بيد الجماعات المسلحة وتحديها لقوانين البلد ، فهم يعلنوها جهارا نهارا انهم قوى فوق القانون وهم حماة المذهب وبيدهم المال والسلاح والقوة معاً ، لديهم مقرات معروفة ويتوسطون البيوت السكنية وعلاقتهم بالقضاء (عال العال).. هم يعرفون تماما انه عاجز عن محاسبتهم وعادة مايقف متفرجا وفاقدا لاي دور يمكن التعويل عليه.. واعتاد الناس على تقييد افضع الجرائم ضد مجهول وان رصدتهم عدسات الكاميرات !

بيانات المنظمات الدولية المعنية بحقوق الاعلام والانسان والصحافة سواء المحلية منها او الدولية لم تعد سبيلا لتوفير الحماية والامان للصحفي او للضغط على الجهات الامنية لاجل اتخاذ ادوارها المطلوبة للحماية ..

فقد اعتادت الحكومات المتعاقبة على سد اذانها عن اي تقارير او احصائيات تكشف الحال المزري لوضع الحريات الصحفية في البلد وتنامي اعداد الانتهاكات والاعتداءات حتى صار العراق يتصدر منذ سنوات ذيل اي قائمة بين الدول العربية او العالمية في موضوع مستوى الحريات والوصول للعدالة .

ربما كل ماتفعله المؤسسات المعنية هو تكذيب تلك التقارير وتفنيدها والادعاء انها تستهدف التخريب والتشويش في حين اننا نعيش عصرا ورديا دون ان نعي ذلك!الصحفي اليوم في مأزق الاختيار مابين الموقف المهني الصادق في عمله ومابين التزويق واللعب بالالفاظ والتغاضي خشية اثارة حفيظة تلك الجهات .. وصار مألوفا ان نسمع كل يوم حملات تهديد تطال احدهم او تطال ادارة القناة وبالتالي ينسحب التهديد على جميع العاملين كان اخرها ماتعرضت له قناة دجلة الفضائية/ مكتب بغداد على خلفية بث احدى قنواتها المخصصة للطرب اغنيات طربية مسجلة سلفا في ايام عاشوراء.. ورغم اعتذار القناة عن ذلك الخطا ببيان رسمي الا ان حمية الجماعات الولائية لاتقبل الاعتذار واعتمدت لغة التهديد والوعيد والحرق وملاحقة جميع العاملين وصلت لحد اصدار البيانات الرنانة لاغتيالهم مع اهاليهم!.

في تصعيد متعمد لاجل تصفية حسابات سياسية بين الكتل والزعامات الكبيرة على حساب الصحفي وعائلته!.

اين سلطة القانون واين سلطة القضاء؟ الكل صامت في حضرة السلاح المنفلت والعصابات,,مراجعة بسيطة لاهم الاحداث التي برزت خلال السنوات الثلاث الاخيرة والخاصة بحرية الاعلام في العراق سنحصد معها العشرات بل المئات من حملات الخطف والتهديد والملاحقة والتغييب للصحفيين والتخريب والحرق لمكاتب القنوات الاعلامية تسببت بهجرة الكثير من الصحافيين.. ، دونما موقف جاد من قبل الحكومة لوضع حد لكل تلك الانتهاكات .. او حتى تأشيراسماء الجناة وفضحهم كي يجري محاسبتهم والادهى من ذلك ان القوات الامنية الرسمية عادة ماتتخذ موقف الصمت وهي على مقربة خطوات من مكان الحادث!.

جريمة اخرى اعتادت الجماعات المسلحة تنفيذها قبل اي اعتداء تنفذه بالاعتماد على دفع جيوشها الالكترونية لشن حملات تحريض وكراهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الصفراء لنشر الاكاذيب وكيل الاتهامات للصحفيين ، ليكون القصاص بعدها مبررا من وجهة نظرهم الاجرامية اضافة لمحاولة التقليل من حجم الرفض الشعبي والاجتماعي لمثل هكذا جرائم اوحتى التعاطف مع الضحية.

الجريمة كاملة هنا ،اقصد جريمة التحريض على قتل الصحفيين والكوادر العاملة في المحطات الفضائية .. منشورات واضحة في المواقع الرسمية للجماعات المسلحة وتحذيرات وترويج من قبل جيوشهم الالكترونية وكل ذلك يجري على عينك ياتاجر؟ ماذا عنك يامديرية الحماية من الابتزاز الالكتروني او مديرية مكافحة الجريمة الالكترونية ؟ ويتبادر في الذهن سوال هنا هل هناك قانون محدد في قانون العقوبات العراقي يجرم اصحاب مواقع التحريض على القتل والتهديد؟ ام انها تندرج تحت قانون التشهير الذي يجرمه القانون في المادة 433 من قانون العقوبات العراقي ، لكنه لايلقى صدى والدليل تزايد عدد الصفحات التحريضية !.

واقع الحال يقول ان العديد من الصحافيين في العراق يتلقون تهديدات بالقتل، وتلويح بإدراج أسمائهم على قوائم الاغتيال، ، وخاصة أولئك العاملين في وسائل إعلام معارضة لتوجهات الفصائل الموالية لإيران، يقابلها صمت مريب من قبل نقابة الصحفيين او الاصح نقابة (اللامي ) وهي تتعمد عدم الوضوح في ادانة الجهات الفاعلة او وضع حد لعمليات الاغتيال, المرصد العراقي للحريات الصحفية وهو احد منظمات المجتمع المدني ومقره العراق اكتفى بنشر بيان يدعو فيه القنوات الفضائية المحلية لاستيعاب اعداد العاملين المهددين ممن قدموا استقالاتهم خشية التصفية وتوفير فرص عمل ملائمة لهم ! بدلا من ادانة تلك الحملات والمطالبة بحماية حقيقية للصحفيين.اخر مانقوله ان حاجة الصحفي تتزايد الى تشريعات تحميه وسلطة دولة حقيقية قادرة على بسط نفوذها واداء دورها الامني كما هو مطلوب والا فأننا سنضطر الى استيراد صحافيون بنغال لتحقيق مطلبين اولا التبرء من دمهم فيما لو تعرضوا للخطف او القتل وكونهم الارخص تكلفة وبما يتناسب مع وضع الميزانية المثقوب في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى