مقالات

كلمات‭ ‬واعتقالات

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬الاخبار‭ ‬تزداد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عن‭ ‬اعتقال‭ ‬صحفيين‭ ‬أو‭ ‬تقديمهم‭ ‬للقضاء‭ ‬ومحاكمتهم‭ ‬وزج‭ ‬بعضهم‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬سنوات‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بأخبار‭ ‬وتقارير‭ ‬ومواقف‭ ‬لا‭ ‬ترضى‭ ‬عليها‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬العرب،‭ ‬وربّما‭ ‬يصيب‭ ‬هذا‭ ‬التعسف‭ ‬مصورين‭ ‬التقطوا‭ ‬صوراً‭ ‬لأحداث‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭. ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬يجعلني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬اسمع‭ ‬تلك‭ ‬الاخبار‭ ‬أتخيل‭ ‬صورة‭ ‬صحفي‭ ‬متعب‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يسد‭ ‬راتبه‭ ‬أجور‭ ‬ايجار‭ ‬سكنه‭ ‬وطعام‭ ‬اطفاله،‭ ‬يعمل‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬بصدر‭ ‬عار‭ ‬أمام‭ ‬دبابات‭ ‬جيوش‭ ‬وحرّاس‭ ‬زعماء‭ ‬وأجهزة‭ ‬سياسية،‭ ‬كلهم‭ ‬جميعا‭ ‬يريدون‭ ‬ملاحقة‭ ‬كلمات‭ ‬واصوات‭ ‬وربّما‭ ‬آمال‭ ‬وأحلام‭.‬‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تراجع‭ ‬الدساتير‭ ‬العربية‭ ‬بنود‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وتمنحها‭ ‬مجالا‭ ‬أوسع‭ ‬وتكفل‭ ‬لأصحاب‭ ‬الرأي‭ ‬الاستظلال‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يتعرضوا‭ ‬لهجمات‭ ‬تحت‭ ‬تسميات‭ ‬قضائية‭ ‬لكنها‭ ‬مدفوعة‭ ‬بقوة‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬بنوداً‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬خنق‭ ‬هامش‭ ‬الحرية‭ .‬أيها‭ ‬السياسيون‭.. ‬الا‭ ‬يكفي‭ ‬ما‭ ‬تتمتعون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مناصب‭ ‬وامتيازات،‭ ‬وأموال‭ ‬وحمايات‭ ‬وجيوش؟‭ ‬هل‭ ‬تظنون‭ ‬انّ‭ ‬تكميم‭ ‬الافواه‭ ‬والآراء‭ ‬يدوم‭ ‬الى‭ ‬الأبد،‭ ‬وانّ‭ ‬الأيام‭ ‬لا‭ ‬تدور،‭ ‬ولا‭ ‬تصغر‭ ‬سلطات‭ ‬وتتلاشى‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬وتظهر‭ ‬أخرى‭ ‬مكانها؟‭ ‬مسألة‭ ‬حرية‭ ‬الصحفيين‭ ‬وحمايتهم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مادة‭ ‬تختص‭ ‬ببلد‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬تفاوتاً‭ ‬بين‭ ‬مكان‭ ‬ومكان،‭ ‬وهناك‭ ‬هامش‭ ‬من‭ ‬التفهم‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬العراق‭ ‬شهد‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬تصفية‭ ‬ثلاثمائة‭ ‬اعلامي‭ ‬وصحفي،‭ ‬إلا‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬مجالات‭ ‬متعددة‭ ‬يظهر‭ ‬فيها‭ ‬اختلاف‭ ‬الرأي‭ ‬والاجتهاد‭ ‬ويعبر‭ ‬هذا‭ ‬عن‭ ‬علامة‭ ‬إيجابية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نكرانها‭ ‬ولم‭ ‬يعهدها‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬مطلقاً،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬موجود‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬كاف‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬عدة،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الصحفي‭ ‬الى‭ ‬ضمانات‭ ‬قانونية‭ ‬واضحة،‭ ‬كما‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لكي‭ ‬يجري‭ ‬الزام‭ ‬كل‭ ‬الكيانات‭ ‬السياسية‭ ‬والمسلّحة‭ ‬بقانون‭ ‬انّ‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬صحفي‭ ‬محرم‭ ‬مطلقاً‭ ‬ويناقض‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الدينية‭ ‬والقانونية‭.‬تستطيع‭ ‬الحكومات‭ ‬بما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬ادانات‭ ‬وعقوبات‭ ‬ضد‭ ‬الصحفيين‭ ‬لأتفه‭ ‬الاسباب،‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬سوى‭ ‬الكلمات،‭ ‬لذلك‭ ‬تكون‭ ‬الأعراف‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أساساً‭ ‬مهماً‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتحلّى‭ ‬به‭ ‬الحكومات،‭ ‬فالصحفي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬الوطن‭ ‬ونشاطه‭ ‬العام‭ ‬ومكوّن‭ ‬من‭ ‬مكوّنات‭ ‬التركيب‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬البلاد،‭ ‬ومن‭ ‬نقائص‭ ‬أي‭ ‬حكم‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الكلمة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى