مقالات

مرة أخرى…العراق بلا إباء مؤسسين!!

مازن صاحب

من يعيد قراءة كتاب اربعة قرون من تاريخ العراق ١٥٠٠-١٩٠٠ سيلاحظ طبيعة العلاقة بين الحاكم المغولي وأهل البلد وتوالي ذات النمط من العلاقة بينهم وبين الوالي العثماني او الفارسي بعد ان توالى حكم كليهما للعراق على وفق مصالحهم ولكن بعنوان فسره كبار علماء الاسلام من زاوية ان أكرمكم عند الله اتقاكم .. هذا التفسير لسيادة الانسان على قراره انتهى لسلب الانسان حريته على سيادة أرضه ..وهكذا تبقى الجغرافية هي الأرض الام الثابتة وما يدور حولها من تاريخ واحداث متغيرات ظرفية .في ندوات أزمة السيادة العراقية التي يعقدها ملتقى بحر لعلوم ومعهد العلمين .. يبدو ان التوصيف لأصل الازمة لا يتعامل مع حقيقة ان التاريخ يصنعه المنتصرون دائما… حيث غلب اهل العراق طيلة خمسة قرون ما بعد سقوط الدولة العباسية بحكم أقوام غيرهم من باب تفسير لا يقبله اليوم فقه القانون الدستوري الحديث المتضمن مباديء السيادة الشعبية من خلال الارادة الحرة للمواطن/ الناخب ومساواة المنفعة الشخصية له مع المنفعة العامة للدولة … مثل هكذا تنمية مستدامة كان لابد وان تغادر التفسيرات الدينية التي ربما تكفر من لا يوافق على حكم التقوى بمفهومي البيعة والتقليد ..وكانت النتيجة ظهور تطبيقات جرحت الشخصية العراقية بفجوة التفسير لمبايعة داعشي يوصف دوليا بالارهابي ..مقابل ذلك الذي يقاتل خارج حدود سيادة الدولة العراقية الحديثة بعنوان ولائي !! وكل ذلك حدث وسبحدث حتى لحظة الانفجار الشعبي الكبير لان من كتب الدستور العراقي النافذ لم ينطلقوا من عقلية الآباء المؤسسين للدولة العراقية في وطن واحد لجميع العراقيين يجبرون اثام عقود من هدر موارد الدولة ويضمدون جراح هوية المواطنة الدستورية بتكييف قانوني له الاعلوية في التطبيق …فانتهى هذا الفشل الى ازدياد فجوة الثقة بين المواطن والعملية السياسية التي حتى من بحاول فيها الخروج بمنطلقات جديدة للإصلاح الشامل يواجه جماعات اقرب الى رفع المصاحف في معركة صفين !! لذلك عراق الغد وهو يخوض الانتخابات المقبلة بحاجة الى إباء مؤسسين جدد يغادرون عقلية المحاصصة وثقافة المكونات الطائفية والقومية الى فضاء المواطنة الدستورية والبحث عن طرائق تطبيقية واقعية تعيد للمواطن العراقي تلك الثقة بان من يقترع له انما يمثل أرادته في العدالة والانصاف المجتمعي وليس في انتظار حلول لا تأتي لتفسيرات اقرب الى صكوك الغفران في كنائس القرون الوسطى .وهذا يتطلب ممن يتصدى للشان العام من النخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة وزعامات مجتمعية واقتصادية عدم وضع الرؤوس في رمال هذا الانتظار ..لان الله سبحانه وتعالى انما كرم الانسان بالعقل وهو مناط التكليف الشرعي يوم الوقوف العظيم وحينما ينطق الحق امام رب العزة هل سيقول له المواطن/ الناخب هؤلاء ضللونا فانتخبناهم …فاتهم العذاب مرتين!!وبلا ظهور هذا النوع من الآباء المؤسسين للدولة العراقية المدنية العصرية من اهل الحل والعقد المتصدين للشان العام ..فإن غضب العراقين واضح في مسيرة التأريخ واحداث ما بعد تموز ١٩٥٨ ما زالت تصرخ في صدى التاريخ العراقي مثلما ما زالت افعال داعش الارهابية تفعل !! اما الانزواء تحت خيم متفرقة لفيدراليات جديدة مثل الانبار او جزيرة الموصل ..وربما الناصرية وغيرها من محافظات الجنوب فقط لتمتلك ما يمتلكه اقليم كردستان من امتيازات.. لا اعتقد انها الحل المنشود..بل بداية حرب اهلية على تقاسم المغانم … فتاريخ السهول العراقية يؤشر التنازع على الماء للزراعة والعشب للرعي ..وبلا نفاذ لقانون جمعي متكامل ..سبصيب هذه الفيدراليات وابل الاثام من الاختلافات وتضارب المصالح …وسط ميول واتجاهات إقليمية ودولية واضحة للتاثير على المستقبل الاستراتيجي لعراق الغد …ويبقى من القول لله في خلقه شؤون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى