مقالات

نريد وطن… في زمن الكورونا

تمر الاوضاع في بلادنا بمزيد من التعقيد والتشابك والتدهور، وتستفحل الازمة العامة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، وتهدد للانهيار الى أسوء الاحتمالات. ويأتي انهيار أسعار النفط وتلكؤ تقرير الميزانية ووباء الكورونا ليزيد الأمور تعقيدا.وفي نفس الوقت تستمر فيه المنظومة الحاكمة بمنهج المحاصصة الطائفية والاثنية والسياسية، وتتسع الفجوة بينها وبين ابناء الشعب المنتفضين.بدأت انتفاضة الشعب العراقي في تشرين الأول 2019 (بنسختها الجديدة) واستمرت لأكثر من خمسة أشهر من دون انقطاع، وشكلت ضغطا هائلا على حكومة الفساد، مما ادى الى استقالة رئيس الوزراء ورفض مرشحي الحكومة لاستبداله، وقادت الى تغييرات اجتماعية وخاصة بالمشاركة الواسعة للمرأة العراقية والشباب والطلبة، ورفعت الصوت الرافض لهيمنة الأحزاب الإسلامية الطائفية ومليشياتها المنفلتة.وبالرغم من الهجمة الشرسة من قبل الأجهزة الأمنية ومليشيات الأحزاب الإسلامية التابعة لإيران والتي أدت الى استشهاد المئات وجرح الالاف واختطاف العشرات من شابات وشباب الانتفاضة الثائر، الا ان التظاهرات اتسمت بعفويتها وسلميتها واصرارها على تحقيق أهدافها في المواطنة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.وبسبب وباء الكورونا الذي اجتاح العالم، جرى إيقاف المسيرات والحشود والفعاليات التي لم تستطيع الحكومة ومليشياتها ايقافها.وجرى إيقاف وتخفيف الاعتصامات بعد اتفاق عدد كبير من الناشطين نتيجة لتفشي الوباء، والمخاوف من أن يتسبب بكارثة صحية في بلد يعاني من مشاكل في مؤسساته الصحية غير الفاعلة. والتزاما بالقوانين والتعليمات الصحية. ولكن بالرغم من ذلك استمر عدد غير قليل في التواجد في ساحات الاعتصام وخاصة في التحرير والحبوبي تحت مراقبة صحية صارمة وذلك حفاظا على ذكرى الشهداء، وعلى الوعد الذي قطعوه على أنفسهم وشعبهم من اجل عراق أفضل.واستغلت الأحزاب المتنفذة هذا الانحسار في الشارع العراقي لمحاولة تمرير اجنداتها ومحاصصاتها الطائفية والحزبية في اختيارات رئيس الوزراء الجديد ووزراءه.ان مطالب المنتفضين لا تزال اليوم قائمة على انتخاب رئيس وزراء من خارج الدائرة الضيقة ولفترة قصيرة يمهد لانتخابات شفافة تحت قوانين هيئة انتخابات محايدة وقوانين انتخابية وحزبية نزيهة.ولكن الكل يعلم بأن هذه الحكومة واحزابها الطائفية الفاسدة لن تتخلى عن مكاسبها طوعيا، وستستعمل كل ذرائع “الاستحقاقات الانتخابية والدستورية والبرلمانية” للحفاظ على مراكزها وميلشياتها المسلحة، وستراوغ وتعطي تعهدات كاذبة وتنتظر انتهاء التظاهرات للعودة الى المربع الأول لممارسة الفساد والتحكم بمقدرات البلد.إننا على يقين بأن التظاهرات العراقية ستعود مرة أخرى بأكثر قوة وعزيمة بعد انحسار الوباء، وستحاسب هذه الحكومة واحزابها لعدم الاستماع لصوت الناس، وهذه المرة لن تكون المطالب محددة ووقتية، بل ربما سترتفع الى تغيير النظام بالكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى