مقالات

هاجس الخوف عند العراقيين … الى متى؟

علاء كرم الله

الحياة وأنت تشعر بعدم الأمان حيث يلازمك الخوف كظل لك بسبب الظروف غير المستقرة والفوضى التي تعيشها في الوطن؟. وهل ستشعر بلذة الحياة وأنت تعيش في قصر كبير مع زوجتك وأبنائك وكل عائلتك ولديك وظيفة محترمة ودخل شهري ممتاز، أذا كنت لا تشعر بالأمان؟، فالأمثلة كثيرة والمقارنات عديدة، عن ما قيمة كذا وكذا مقابل عدم الشعور بالأمان!. أرى أن هذا هو حال غالبية العراقيين حيث أستوطنهم شعور الغربة وهم في وطنهم! بسبب الخوف وعدم الطمأنينة منذ ثمانينات القرن الماضي (الحرب العراقية الأيرانية/ 1980 – 1988) عندما بدأ شبح الخوف ولحظات الموت والفجيعة تترصدهم في أية لحظة. أن هاجس الخوف هذا الذي لازم العراقيين منذ أربعين عاما أزداد وصار أكثر رعبا منذ الأحتلال الأمريكي البغيض للعراق عام 2003 ولحد الآن، فلم يعد للحياة أية طعم، حتى باتوا يخافون أن ضحكوا!؟، ودائما ما نسمع عبارة ( يارب أجعلها ضحكة خير)!! لأنهم أفتقدوا للأمان بشكل كامل. وأمثلة الخوف وصورها كثيرة ومتعددة، فالأثار النفسية التي تركتها الحرب الطائفية التي جرت في العراق لدى العراقيين (2005 ، 2006 ، 2007) كانت كبيرة وعلى الرغم من انتهاء تلك الحرب ألا أن هواجسها ومخاوفها ظلت تلاحقهم، بسبب الأنفلات الأمني وتعدد مراكز القوى وسقوط هيبة الدولة وتسيس القضاء وغياب العدل وبالتالي ضياع الحقوق فظل المواطن العراقي معرض ومهدد في أية لحظة أن يختطف وتتم المساومة عليه، لأي سبب كان وحتى بدون سبب؟، ومن صور الخوف مثلا، أن يجرك حظك العاثر وتدخل في قضية عشائرية بسبب بسيط أنت لم تقصده، أو بسبب مشادة أو عركة أحد أبنائك في المدرسة ومن هذه الأسباب التافهه وغيرها الكثير، وعندها تنجر خانعا مرعوبا، الى خيمة العشائر وياويلك من العشائر وطلايبها وفصولها ودكاتها؟! وخاصة أذا كنت ممن تركوا التواصل مع عشيرتك بأعتبارك أنسان متعلم ومثقف وواعي ومدرك بأن الدولة وقوانينها وقضائها هي الأولى أن تلتجأ اليها عند وقوعك في أية مشكلة. نعود ونسأل، ما قيمة حياتك وأنت تعيش هاجس الخوف من أنك أذا تعرضت لأزمة صحية أو وعكة مرضية أو تعرضت لحادث تحتاج به المستشفى، وتلك مصيبة كبيرة، لأنك تعرف تماما بأن حياتك أصبحت في خطر! لأن مستشفياتنا وكما هو معروف عنها، الداخل لها مفقود والخارج منها مولود!. وقد أظهرت تداعيات جائحة كورونا التي تضرب العراق بشدة، وكشفت بؤس الواقع الصحي والخدمي في مستشفياتنا بكل مآسيه وآلامه، المنزوع من شيء أسمه الرحمة والأنسانية، بعد أن تاجر الفاسدون حتى بالأموات بلا أية مخافة من الله والضمير، وكم نقلت لنا الفضائيات قصص وفواجع لا يتصورها العقل عن ذلك!. من جانب آخر أذا حاولت أن تريح نفسك بأن لا تبالي ولا تهتم بكل ما يحيطك من أخبار سياسية، وأجتماعية وغيرها من مشاهدات وأخبار أيا كانت، فأنت لا تستطيع أن تهرب من ذلك بشكل كامل!، لأنك ستكتشف بالنهاية أنك جزء من مجتمع مضطرب يعيش ضمن حلقة الخوف والقلق والترقب التي يدور بها الجميع!. ومن الطبيعي أن الشعور الدائم بالخوف وعدم الأمان له تداعياته الخطيرة والكثيرة والكبيرة، التي تسبب لك ألف مرض ومرض شئت أم أبيت!. ومهما بلغت من درجة من الأيمان بالله وبأنه خير حافظ وهو أرحم الراحمين لكنك في النهاية لا تستطيع أن تبعد عن نفسك هاجس الخوف، وبالتالي سوف تتغلب عليك المخاوف والقلق، لأنها أكثر واقعية ولأنك تعيش معها وتشعر بها وتحسها!. أن مجرد شعورك بأنك كنت منذ أكثر من 17 عام ولا تزال ضحية وقربان لصراعات سياسية وحزبية وطائفية ومذهبية وقومية داخلية وأقليمية وحتى دولية لا حيلة لك فيها ولا أية مصلحة وليس لك فيها ناقة ولا جمل كما يقال، كاف بأن يدمر حياتك ويحطم نفسيتك!، فأي عمر هذا وأية حياة؟!. وسرعان ما يأتي السؤال الذي لربما جاء على لسان الكثير من العراقيين،: هل هذا غضب الله على العراقيين بأن مسلسل عذابهم الذي بدأ منذ 40 عاما والمستمر والذي يبدوا أن لا توجد أية ملامح لنهايته! والذي رأوا وذاقوا فيه كل أنواع وأشكال وصنوف الخوف والقلق والموت؟ وما ذنبهم بذلك؟. فهل هي الأقدار التي أوصلت (صدام حسين) الى سدة الحكم لتنفتح على العراقيين أبواب الخوف والموت على مصارعها، من حرب الى حرب الى حرب، ومن موت الى موت ؟ ، وهل الله من سلط الأمريكان على (صدام حسين) ليقضوا عليه، ثم ليفعلو بالعراق ما فعلوا وليعيثوا بهذه الأرض المباركة، أرض الأنبياء والأئمة والأطهار والصحابة الكرام عليهم جميعا أفضل السلام أرض آدم ونوح، الأرض التي جعل الله ثلثي خزائنه فيها!؟ كما جاء على لسان النبي أبراهيم عليه السلام؟، ونعيد ونكرر السؤال الذي صار هاجسنا، هل كل ما جرى ويجري على العراق وشعبه هو من فعل الله وتدبيره وحكمته؟ أم هو بسبب سياسة وحماقة وأخطاء من حكمونا ويحكمونا الآن؟ وأذا كان الله هو أرحم بعباده وهو خالقهم فلماذا لم يرحم العراقيين طيلة كل هذه السنوات؟ وأخيرا نسأل الى متى سيظل العراقيين يعيشون بهاجس الخوف هذا؟ وبالتالي هل نحن شعب وقوم لا نستحق رحمة الله؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى