مقالات

البطالة‭ ‬بين‭ ‬الوزراء‭ ‬والنوّاب

فاتح عبدالسلام

نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬لا‭ ‬تُقاس‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بمعايير‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬دوليا،‭ ‬اذ‭ ‬يعد‭ ‬تارك‭ ‬العمل‭ ‬او‭ ‬المفصول‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬فرصة‭ ‬مشمولاً‭ ‬بمعونة‭ ‬اجتماعية‭ ‬من‭ ‬موازنة‭ ‬الدولة،‭ ‬ويتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تحديد‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتلك‭ ‬المعايير‭ ‬والفئات‭ ‬العمرية‭ ‬بحسب‭ ‬كل‭ ‬دولة‭.‬العراق‭ ‬بلد‭ ‬نفطي،‭ ‬أحادي‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ادراج‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬جداول‭ ‬النمو‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المورد‭ ‬النفطي،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يستورد‭ ‬الغاز‭ ‬والمشتقات‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬أي‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬اقتصاد‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنته‭ ‬بأي‭ ‬اقتصاد‭ ‬عالمي‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬ناهضة‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ .‬‭ ‬لا‭ ‬يبالغ‭ ‬احد‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬انّ‭ ‬البلد‭ ‬يسير‭ ‬بالبركة‭ ‬مع‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية،‭ ‬وانه‭ ‬سيكون‭ ‬بلداً‭ ‬فاشلَ‭ ‬البنية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬اقوى‭ ‬حكومة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬صاحبة‭ ‬حلول‭ ‬اقتصادية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لنهضة‭ ‬البلد‭ ‬وتأمين‭ ‬استمرارية‭ ‬الحياة‭ ‬فيه‭. ‬وأساساً‭ ‬تقاس‭ ‬قوة‭ ‬الحكومات‭ ‬باقتصاداتها‭ ‬قبل‭ ‬حتى‭ ‬جيوشها‭.‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬نفط‭ ‬وموارد‭ ‬مالية‭ ‬كتلوية‭ ‬جاهزة،‭ ‬تفيد‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬لشعوبها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العدد‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬كثافة‭ ‬سكانية‭ ‬عالية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬النوع‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬ذات‭ ‬خبرات‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متخصصة‭ ‬مهمة‭ ‬قابلة‭ ‬للتصدير‭ ‬والاستثمار‭ ‬الممنهج‭ ‬و‭ ‬تحتاج‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬اليها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مستمر‭.‬‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬يطلع‭ ‬العراقيون‭ ‬على‭ ‬موازنة‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬المقبلة‭ ‬بشأن‭ ‬حقائق‭ ‬نسب‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستثمارية‭ ‬المؤسسة‭ ‬لاقتصاديات‭ ‬منتجة‭ ‬لصالح‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬لمدة‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬او‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬مقبلة‭. ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬نؤسس‭ ‬ونزرع‭ ‬ونعمل‭ ‬لنضمن‭ ‬انّ‭ ‬الجيل‭ ‬المقبل‭ ‬وما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬لن‭ ‬يجوع‭ ‬وسوف‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬ظلال‭ ‬آمنة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬غابة‭.‬اذا‭ ‬اتجه‭ ‬تفكيرنا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬نحو‭ ‬المساحة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬خارجين‭ ‬من‭ ‬حبائل‭ ‬الاستهلاكيات‭ ‬القاتلة،‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬وضعنا‭ ‬أولى‭ ‬الخطوات‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬الواعي‭ ‬والنافع‭ ‬مع‭ ‬البطالة‭ ‬بما‭ ‬يحولها‭ ‬الى‭ ‬قوة‭ ‬إنتاجية،‭ ‬وعندها‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نعرّف‭ ‬مَن‭ ‬هو‭ ‬العاطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬البطالة؟‭ ‬وبحسب‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الإنتاجية‭ ‬سنكتشف‭ ‬كم‭ ‬انّ‭ ‬البطالة‭ ‬الحقيقية‭ ‬قد‭ ‬تفشت‭ ‬بين‭ ‬أوساط‭ ‬الوزراء‭ ‬والنوّاب‭ ‬والمديرين‭ ‬العامين‭ ‬والمديرين‭ ‬ورؤساء‭ ‬الدوائر‭ ‬وحتى‭ ‬الملاحظين‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى