مقالات

مجتمعنا في مواجهة تصحّرآ

د. فاتح عبدالسلام

الملتقيات والتجمعات الثقافية والفنية في المدن العراقية تمنحها مزيداً من الامان لمنع الانهيارات والتصدعات وتحتوي الشباب لاسيما في الجامعات ومَن هم في فئات اخرى ليكونوا في سياق التطور والنمو في الثقافة والعلم وقيادة المواهب نحو مزيد من العطاء، وهو دور حماية يشبه الذي تمنحه التشكيلات القانونية والامنية لضمان حياة للناس ، من اختلاف الوظائف الادائية.هناك مدن تقوم فيها ملتقيات ثقافية خارج التشكيلات الرسمية ، وهي تعبير عن انفتاح المجتمع نحو تعددية في الخيارات، لكن الملاحظ ان الجمعيات الثقافية والفنية والمهنية الاساسية تبدو شبه غائبة عن أداء ادوارها المناطة لها في اساس تشكيلها. هناك مدن ليس فيها نشاد لاتحادات الادباء او الفن بأنواعه تناسب الطاقات الكامنة او المكتشفة للشباب . نلحظ بوضوح ان هناك توجهات مصلحية لزيادة اعضاء الاتحادات الثقافية في مواسم الانتخابات او حين تكون هناك امتيازات معينة، في حين ان تلك الاتحادات لا تعتمد خططا استشرافية في قراءة خارطة الامكانات لدى الجيل الحالي، ولا تزال الرؤى تدور في اطار الجيل السابق الذي ربما يتسيد المشهد من دون القدرة على مواكبته.في الوقت ذاته، تبدو الحكومات غير معنية الا بالحدود الدنيا من رعاية المنتديات والاتحادات الثقافية، والاقتصار على الاشهر منها والاكثر قرباً من عمل بعض الوزارات.المسألة ليست لوماً لأحد، لكن هناك نمواً في المجتمع اي انَّ جيل ما بعد سنة ألفين، تفتح وعيه في نطاق تاريخي محكوم بأحداث كبرى، ستدخل في تكوينه حتماً ، كما تأثرت اجيال سابقة بنكسة العرب في حزيران١٩٦٧، وهو تأثير خارجي ومظهري وانفعالي في بعض الحالات، لكن الاحداث العراقية في عقدين من الزمان دخلت في صلب ولادة الوعي الذي هو في أمس الحاجة للاحتواء في مسارات اكتشاف ثقافي وفني ورياضي وعلمي وسواها، لكي لايعيش المجتمع صدمة تصحر تقوده بعد سنوات الى اتجاهات اضطرارية تخص التطرف والتخلف والعزلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى