مقالات

حكومة مصغرة للسياسة الخارجية

د. فاتح عبدالسلام

اعتادت الدول على أن يكون لديها حكومة أمنية مصغرة تنبثق عن الحكومات الاساسية، وتتولى مهمات تخصصية وتعالج الملفات الامنية على نحو دقيق وترسم الخطط الامنية العامة التي تتوالى الاجهزة والفعاليات الأصغر تنفيذها. والحكومة الامنية المصغرة تبرز الى الواجهة في أوقات الازمات والحروب والطوارىء.وليس هناك وضوح في وجود هذه الحكومة المصغرةوفاعليتها في العراق، لكن من الممكن تلمّس دورها عند الازمات الداخلية لاسيما في ايام الاحتجاجات السلمية في الشارع ضد الفساد والتردي العام، وكما كان ذلك في قرارات استهدفت الشباب المنتفض في بغداد والجنوب، في أيام الحكومة السيئة السابقة. ويأمل العراقي أن تكون الحكومة المصغرة مصممة لمواجهة الاخطار الخارجية من اعتداءات وتجاوزات من دول أو تنظيمات ارهابية.غير انَّ معاينة بسيطة للمواقف الحكومية العراقية من احداث وقعت في دول عربية في خلال ثماني عشرة سنة، تؤكد أن السياسة الخارجية العراقية كانت هي الاكثر حاجة لحكومة مصغرة لرسم السياسات وضبطها، لكي يعرف العراقيون لماذا تعادي حكومتهم البلد الفلاني او العلاني في الخليج ولماذا ترجع عن موقف العداء الى التصالح والاستثمار؟ ولماذا تغض الطرف عن ارسال مليشيات للقتال في سوريا وليس السودان أو ليبيا مثلاً؟وهل كانت وزارة الخارجية وحدها المسؤولة عن رسم السياسات أم مجرد تنفيذها فقط ، وما دورها في التخطيط لوضع السياسات اذا كانت جهات اخرى هي التي تفرض رؤاها؟ وهل يمكن أن يكون البلد بحاجة الى سياسة خارجية بل الى وزير خارجية اصلاً، حين كان محتلاً لمدة سبع سنوات، وفيه حاكم مدني أمريكي مطلق الصلاحية، له قرارات لا صلة لها بأي شيء يصدر عمّا جرى تسميته بالحكومات العراقية؟ رسم السياسة الخارجية وتنفيذها يحتاج الى مجلس اعلى يتولى زمام الرؤية الثابتة التي لا تعصف بها اهواء كل وزير جديد والحزب الذي وراءه.ان اعادة ترميم العلاقات العربية والدولية، ليس عملاً فردياً او مبنياً على صداقات شخصية لرئيس حكومة او وزير ، فهذه دولة في مسماها الدستوري ولابد من ثبات مؤسسات الصيرورة السياسية فيها .أسئلة تتراكم، ويمضي الجميع من دون أن يعوا ما يحدث أو انهم يعون جيداً ،لكن المطلوب ان تسير الامور كما هي الآن أو كما جرت في السابق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى