مقالات

سيناريو لم يأت بعد

فاتح عبدالسلام

بعد‭ ‬ليلة‭ ‬ونهار‭ ‬داميين‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬هناك‭ ‬عودة‭ ‬‭ ‬الجميع‭ ‬يتساءلون‭ ‬عن‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المقبلة‭ ‬للوضع‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬انطوت‭ ‬صفحة‭ ‬الاعتصامات‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بمعارك‭ ‬دموية‭ ‬تلاها‭ ‬انسحاب،‭ ‬ويرى‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬انَّ‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تصعيد‭ ‬كبير‭ ‬يشبه‭ ‬الحرب‭ ‬هناك‭ ‬جلوس‭ ‬حتمي‭ ‬الى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات،‭ ‬ويستند‭ ‬اولئك‭ ‬المراقبون‭ ‬الى‭ ‬نظريات‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬والحرب،‭ ‬متوهمين‭ ‬ان‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬حالة‭ ‬متجانسة‭ ‬مع‭ ‬سياقات‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬شاذة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭.‬

عدم‭ ‬وجود‭ ‬سيناريوهات‭ ‬واضحة‭ ‬ومتوقعة،‭ ‬لا‭ ‬يلغي‭ ‬حقيقة‭ ‬انّ‭ ‬كلّ‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬مصائب‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬هو‭ ‬سيناريو‭ ‬معد‭ ‬او‭ ‬ارتجالي،‭ ‬لا‭ ‬فرق؟لا‭ ‬توجد‭ ‬توقعات‭ ‬مقروءة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬تحدث‭ ‬بحذافيرها،‭ ‬لكن‭ ‬ربما‭ ‬يتحرك‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬سياسياً،‭ ‬ليصطدم‭ ‬بحواجز‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬اقل‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬لكنها‭ ‬مقلقة‭ ‬ومعوقة‭. ‬

الخلاصة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يدركها‭ ‬العراقيون‭ ‬ان‭ ‬الصراع‭ ‬ضد‭ ‬الفساد‭ ‬معركة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬القوى،‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬الشعب‭ ‬اقل‭ ‬في‭ ‬إمكاناته‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تمسك‭ ‬بمنظومات‭ ‬الفساد،‭ ‬لذلك‭ ‬سوف‭ ‬يتكرر‭ ‬نزيف‭ ‬العراقيين‭ ‬دماً‭ ‬وشقاءاً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬شكل‭ ‬جديد‭ ‬يحمي‭ ‬ثروات‭ ‬البلاد‭ ‬ويضع‭ ‬مصير‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬ايد‭ ‬امينة‭.‬‭ ‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬اليأس‭ ‬هو‭ ‬قدر‭ ‬العراقيين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬استسلامهم‭ ‬لوضع‭ ‬شاذ‭ ‬في‭ ‬استنزاف‭ ‬الثروات‭ ‬وشراء‭ ‬المناصب‭ ‬والتفريط‭ ‬بالحقوق؟‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬قراءة‭ ‬ناقصة‭ ‬وغريبة‭ ‬ومنقطعة‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬التاريخ‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية،‭ ‬قد‭ ‬تضعهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬مقبل،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التكهن‭ ‬بموعده‭ ‬بدقة‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬عاصفة‭ ‬كبيرة‭ ‬وسط‭ ‬بحر‭ ‬لا‭ ‬شطآن‭ ‬ظاهرة‭ ‬له‭.

وأثبتت‭ ‬التجارب‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬العراقية‭ ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬ابعد‭ ‬من‭ ‬خطوات‭ ‬قدميها‭ ‬نحو‭ ‬مصالح‭ ‬قريبة،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬صوت‭ ‬الشعب‭ ‬عالياً‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بتغيير‭ ‬الأوضاع‭ ‬لإنقاذ‭ ‬سمعة‭ ‬البلد‭ ‬وتاريخه‭.‬‭ ‬

لكن‭ ‬برغم‭ ‬ذلك،‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬جسيمة‭ ‬على‭ ‬ممثلي‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الشرعية‭ ‬المهزوزة‭ ‬التي‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابقة‭. ‬وهذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬تعني‭ ‬مكاشفة‭ ‬الملايين‭ ‬بحقيقة‭ ‬الاتجاه‭ ‬والمسار‭ ‬والوضع‭ ‬والمصير‭ ‬الذي‭ ‬تمضي‭ ‬اليه‭ ‬البلاد‭. ‬فالبرلمان‭ ‬ليس‭ ‬ساحة‭ ‬لتقرير‭ ‬المناصب‭ ‬السيادية‭ ‬،‭ ‬وانما‭ ‬هو‭ ‬المكان‭ ‬الأقرب‭ ‬للتصدي‭ ‬للازمات‭ ‬المصيرية،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬يحضر‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬النواب‭ ‬الجلسات‭ ‬خارج‭ ‬مواعيد‭ ‬إقرار‭ ‬المناصب،‭ ‬لكي‭ ‬نرى‭ ‬مدى‭ ‬الجدية‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬بمشاكل‭ ‬البلاد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى